أشهر أنواع البهارات الإماراتية

 عبق الماضي ونكهة الحاضر



تُعد البهارات جزءًا لا يتجزأ من الهوية الثقافية لدولة الإمارات العربية المتحدة، فهي ليست مجرد مكونات تضاف إلى الطعام، بل تمثل إرثًا تاريخيًا غنياً بالقصص والتقاليد. في الإمارات، تتمتع البهارات بمكانة خاصة في المطبخ الشعبي، حيث تُستخدم بمهارة في تحضير الأطعمة اليومية وكذلك في الولائم والمناسبات الخاصة. تتنوع البهارات الإماراتية ما بين المحلية والمستوردة، مما يعكس تاريخ الدولة كمركز تجاري هام يربط بين الشرق والغرب.


في هذا المقال، سنستعرض أبرز أنواع البهارات الإماراتية التي تضفي على الأطباق نكهات لا تُنسى، ونتناول استخداماتها التقليدية وأهميتها في الثقافة المحلية.


 البزار الإماراتي (البهار الخليجي)

يُعد "البزار" من أهم التوابل المستخدمة في المطبخ الإماراتي، وهو خليط من البهارات المطحونة يُحضّر عادةً في المنازل بطريقة خاصة، حيث لكل عائلة وصفتها المميزة. ويتكون البزار غالبًا من: الكزبرة، الكمون، الفلفل الأسود، الكركم، القرفة، القرنفل، الهيل، الزنجبيل، جوزة الطيب، وأحيانًا يُضاف له الليمون المجفف (اللومي).

يُستخدم البزار في معظم الأكلات الإماراتية، مثل الهريس، المجبوس، الثريد، البرياني، وحتى بعض أنواع الحساء. ويمنح الطعام نكهة دافئة، عطرية، ويعكس الذوق الخليجي الأصيل.



 اللومي (الليمون الأسود المجفف)

اللومي أو اللوماني، هو ليمون مجفف يتم غليه ثم تجفيفه تحت أشعة الشمس حتى يتحول لونه إلى الأسود. ويُستخدم في الطبخ إما كاملاً أو مطحونًا، ويضفي على الطعام نكهة حمضية مدخنة مميزة.

اللومي عنصر أساسي في أطباق مثل المجبوس، مرق اللحم، واليخنات. كما يتم وضعه أحيانًا في الماء المغلي كنوع من المشروبات العشبية المفيدة للهضم. يُعتقد أن له فوائد صحية متعددة، منها تحسين الجهاز الهضمي والمساعدة على التخلص من السموم.



 الكركم

يُستخدم الكركم بكثرة في المطبخ الإماراتي، وهو أحد أنواع التوابل المعروفة بلونها الأصفر المائل إلى الذهبي. يتميز الكركم بطعمه الترابي الدافئ، ويُستخدم في تتبيل اللحوم والدجاج والأرز.

من أشهر الأطباق التي يدخل الكركم في مكوناتها: الهريس، البرياني، والبلاليط (أكلة شعبية تتكون من الشعيرية والسكر والبيض والتوابل). كما يُعرف الكركم بفوائده الصحية العديدة، ككونه مضادًا للالتهابات ومقويًا للمناعة.



الزعفران

الزعفران هو من أغلى أنواع البهارات في العالم، ويُستخدم في المطبخ الإماراتي بكميات معتدلة لما له من نكهة قوية ولون ذهبي رائع. يتم نقع الزعفران في ماء الورد أو الحليب الدافئ قبل إضافته إلى الطعام لتعزيز نكهته.

يُستخدم الزعفران في الحلويات الإماراتية مثل الخبيصة، البثيث، العصيدة، واللقيمات، كما يُضاف إلى بعض الأطباق الرئيسية مثل الأرز البخاري أو البرياني ليمنحها لوناً مميزاً ورائحة جذابة. الزعفران أيضاً رمز للضيافة والكرم في الثقافة الإماراتية.



 الهيل (الحبّهان)

الهيل من التوابل العطرية التي لا غنى عنها في المطبخ الإماراتي، سواء في الطبخ أو في تحضير القهوة. يُستخدم الهيل مطحونًا أو كاملاً، وله نكهة قوية مميزة تميل إلى الحلاوة.

يُضاف الهيل إلى الأطعمة المالحة مثل اليخنات، الأرز، والصلصات، كما يستخدم بكثرة في الحلويات والمشروبات، مثل الشاي العدني، والقهوة العربية. ويمثل الهيل جزءاً من طقوس الضيافة الإماراتية، حيث يُقدَّم مع التمر للضيوف.



 القرفة

القرفة تُستخدم في الإمارات كنوع من البهارات التي تُضفي نكهة حلوة دافئة على الطعام. وغالبًا ما تُستخدم في الحلويات، لكنها تدخل كذلك في بعض الأطباق المالحة، خاصة عندما تكون ممزوجة مع البهارات الأخرى.

من استخداماتها الشائعة: إضافتها إلى اللقيمات، الساقو (حلوى تقليدية)، والشاي، إلى جانب وجودها في بعض خلطات البزار. كما أن رائحتها الزكية تُشعر بالدفء وتعزز الشعور بالراحة.



 القرنفل

يستخدم القرنفل في تحضير العديد من الأطباق الإماراتية، خاصة في خلطات البزار والمشروبات الساخنة. يتميز بطعمه الحاد والعطري، ويُضاف إلى المرق، الأرز، وحتى في غلي القهوة.

كما يُعتبر القرنفل مكونًا شائعًا في العلاجات الشعبية الإماراتية، حيث يُستخدم لعلاج ألم الأسنان والصداع وأمراض الجهاز التنفسي.



الكمون والكزبرة

هاتان البهارتان الأساسيتان تُستخدمان بكثرة في المطبخ الإماراتي، وغالبًا ما تأتيان معًا في وصفات متعددة. الكمون يعطي نكهة ترابية معتدلة، بينما تضيف الكزبرة نكهة حامضة خفيفة.

من الأكلات التي لا تكتمل من دونهما: المرقوق، المجبوس، السمك المقلي، والصلصات المختلفة. وغالبًا ما يُحمّص الكمون والكزبرة قبل طحنهما لإبراز نكهتهما.



 الفلفل الأسود

الفلفل الأسود هو عنصر حار يُستخدم بكثرة في الأطباق الإماراتية. يُضاف إلى اللحوم، الأرز، الحساء، وحتى بعض السلطات. كما أنه يدخل في صناعة البهارات المشكلة مثل البزار.

يُعتبر الفلفل الأسود من التوابل التي تعزز الهضم وتمنح الطعام حرارة محببة دون أن تُصبح لاذعة كما في الفلفل الحار.



 بهارات السمك

نظرًا لقرب الإمارات من البحر واعتماد جزء كبير من المطبخ على الأسماك والمأكولات البحرية، فقد تطورت خلطات خاصة من البهارات لتتبيل السمك. غالبًا ما تتكون هذه الخلطات من: الكزبرة، الكمون، الكركم، الفلفل الأسود، الليمون المجفف، والقليل من الهيل.

تُستخدم هذه الخلطة في أطباق مثل السمك المشوي، الصيادية، والمجبوس بالسمك. وتُضفي نكهة مميزة تعزز الطعم الطبيعي للسمك دون أن تطغى عليه.



خاتمة

إنّ البهارات الإماراتية ليست مجرد إضافات للطعام، بل هي مرآة للهوية والثقافة والتاريخ. فكل نكهة تحكي قصة، وكل رائحة تفتح باباً إلى الماضي، حيث كانت القوافل البحرية والبرية تجلب البهارات من الهند واليمن وبلاد فارس. وقد حافظ الإماراتيون على هذا التراث وطوروه بما يتناسب مع العصر الحديث، فصار المطبخ الإماراتي اليوم مثالاً للتنوع الغني والمتوازن في استخدام التوابل.

سواء كنت من عشاق الطعام التقليدي أو الحديث، فإن تجربة النكهات الإماراتية الأصيلة ستأخذك في رحلة عبر الزمن، تمزج بين الطيب، والكرم، ودفء الضيافة.

تعليقات